کلمه 637از کتاب هزار یک کلمه علامه حسن زاده آملی
این کلمه رسالهاى گرانقدر در تفسیر سوره مبارکه اخلاص تألیف عالم جلیل رجب برسى صاحب کتاب مشارق انوار الیقین فى کشف اسرار امیرالمؤمنین علیه السلام است که نسخهاى خطى از آن در کتابخانه این داعى، حسن حسنزاده آملى موجود است و به نقل آن در این کتاب هزار و یک کلمه تبرّک مىجوییم.
بسم اللَّه الرحمن الرحیم
و بعد اعلم أنّ الحکمة تعبیر معرفة فى أجلّ المعلومات بأجلّ المعلوم، و أجلّ معلوم معرفة الواحد الحق و الأحد المطلق الذى هو هو، و منهج الخلاص الجامع لهذا الاختصاص سورة الإخلاص الّتى هى سورة التوحید و سورة التجرید و سورة الإیمان و الإیقان من قرأها فکأنّما قرأ ثلث القرآن و یتعلّق ذکرها بالقلب و الروح و العقل و الجسم.
قوله عزّ وجهه وجلّ اسمه «قُلْ هُوَ» هو المبدء الأول، و المبدء الأول وجوده نفس حقیقته و عین ماهیّته، والأول المطلق هو الذى غیره منه و لیس هو من شىء فکونه لیس من شىءٍ سلبى و کون غیره منه اضافى.
والحضرة الالهیّة لا یمکن أن یعبّر عنها إلّابأنّه هو و معرفة تلک الهویّة غیر معلومة للبشر و معرفتها باللوازم، و اللوازم سلبیّة و ایجابیة واسم الجلال یتناول السلب والإیجاب و لا جرم کان اسمه اللَّه، جلّ من اسمه شارح لمعنى هو.
هزار و یک کلمه، ج7، ص: 6
ثمّ عقّب الأحدیة و هى نهایة التوحید و أقصى غایات الواحدة و ذکر فى اللوازم القریبة و أقرب اللوازم فهى ذات الحق سبحانه أنّه واجب الوجود و واجب الوجود وجوده مبدءٌ لکلّ ما عداه و مجمع هذین الأمرین هو الإلهیّة و هو عبارة عن غناه عن الأشیاء و توقّفها علیه، و الإلهیة البسیطة المجرّدة لا یعبّر عنها إلّاأنه هو، و لا بدّ لها من التعریف و تعریفها بأقرب الأشیاء لزوماً و هى الإلهیّة الجامعة فلذلک أتى ذاته المقدسة بصفاته المتوهمة التى هى عین تلک العین.
و المبدء الأول لیس له شىء من المقوّمات فلیس إلّاوحدة محضة فلا یعقل إلّا الذات المنزّه عن جمیع الوجوه، و تعریفها باللوازم القریبة إشارة إلى وجوده الخاصّ لأنّ تعریف البسیط باللوازم کتعریف المرکّب بالمقوّمات
و قوله: «أَحَدٌ» مبالغة فى الوحدة لأن الواحد مقول على ما تحته بالتشکیک و الأحد المطلق لا یقبل القسمة حسّاً و لا عقلًا فهو إله واحد من جمیع الوجوه، و أنه غنىّ عن الکثرة من الأجناس و الفصول و سائر وجوه التشبیه فإنه سبحانه هو هو لذاته.
و قوله: «الصَّمَدُ» له معنیان: الأوّل لا أوّل له، والثانى معناه السیّد؛ والأول سلبى لأنه إشارة إلى نفى الماهیّة لأنّ کل ما له ماهیة له جوف و مادّة، و ما لیس له مادّة لا اعتبار له الا لوجود واجب به الوجود و واجب الوجود غیر قابل العدم فالصمد الحقّ إذاً واجب الوجود.
و على التفسیر الثانى هو السیّد و هو إضافى لأنّ معناه سیّد الکلّ و الإله هو الذى یکون کذلک و الإلهیّة عبارة عن السلب و الإیجاب.
و قوله: «لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ» لمّا بیّن سبحانه أن الإله هو جمیع الموجودات و مفیض الجود على سائر الماهیّات بیّن أنه یمتنع أن یتولّد عن شىءٍ لأنّ کلّ متولّد مستفید الوجود من غیره.
و قوله: «وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ» لمّا بیّن أنّه هو هو لذاته بیّن الواحد الحق لیس له کفو. و الکفو هو المساوى فى الوجود، و المساوى إمّا أن یساویه فى الصورة النوعیّة أو
هزار و یک کلمه، ج7، ص: 7
فى وجوب الوجود، فلو کان له شریک فى نوعه کان متولّداً عن غیر و قد أبطله قوله الحق: «لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ». و لو کان له مساوٍ فى وجوب الوجود کان وجوده من الجنس و الفصل و هو فرد مجرّد و دلّ علیه و قوله: «وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ».
فانظر إلى کمال هذه السورة و ما تضمّنت من التوحید لأنه سبحانه أشار أولًا إلى الماهیة المحضة التى لا اسم لها إلّاأنه هو، ثمّ عقّب بالإلهیّة التى هى أقرب اللّوازم لذلک الحقیقة و أشدّ تعریفاً، ثمّ عقّب بذلک الأحدیّة لفائدتین: الأولى أنه ترک التعریف الکامل و عدل إلى ذکر اللوازم لیدلّ على أنّه واحد من جمیع الوجوه لأنّ من التعریف الکامل هو المرکّب من الجنس و الفصل القریبین فیکونداً
و البارىعزّ اسمه لا جنس له فلا فصل له و لاتدرک حقیقته.[1]
و رتّب الأحدیة على الإلهیّة و لم ترتّب الإلهیّة على الأحدیّة لأن الإلهیّة عبارة عن استغنائه عن الکل و احتیاج الکل إلیه و من کان کذلک کان إلهاً واحداً مطلقاً من صدر هى هى تقتضى الإلهیّة.
ثمّ عقّب بالصمدیّة فدلّ على معنى الإلهیّة بالصمدیّة التى معناها وجوب الوجود، ثمّ بیّن سبحانه أنّه لا یتولّد عن غیره؛ فمن أوّل السورة إلى قوله الصمد فى بیان الذات و لوازمها، و أنه غیر مرکّب أصلًا؛ و من قوله: لم یلد و لم یولد إلى آخر السورة فى بیان أنه لیس له مساوٍ فى نوعه و لا جنسه.
و بهذا القدر یحصل معرفة اللَّه تعالى و صفاته و کیفیة صدور أفعاله فلا جرم کان هذه السوره فى مقابل ثلث القرآن.
نوع سورة الإخلاص محکمة و کل مذهب یخالفها باطل. قوله: أحد، یدلّ على نفى الجسمیّة و الجهة و الحیّز، أمّا نفى الجسم فلأنّ أقلّ الأجسام یکون مرکّبا من جوهرین و ذلک ینافى الوحدانیة. و قوله: أحد، مبالغة فى الوحدة الحقیقیة منافیة للجسم فالأحد الحق لیس بجسم.
______________________________
(1). هکذا کانت عبارة النسخة و قد سقط ذکر الفائدة الثانیة عن قلم الکاتب
هزار و یک کلمه، ج7، ص: 8
و أما أنه لیس بجوهر فلأنّ المنکرین لجوهر الفرد قالوا: کل متحیزّ یحب أن یکون متمیزاً أحد جانبیه من الآخر، و کلّ متمیّز منقسم و کلّ منقسم لیس بأحد فالأحد لایکون جوهراً و لا متحیّزاً.
والمثبتون للجوهر الفرد قالوا: لو کان الأحد ینفى عن ذاته الترکیب و التألیف فکذا ینفى عنه الضدّ و الندّ فلوکان جوهراً فرداً لکان کل جوهر و فرد مثاله فینتفى کونه أحداً و هو أحد فینتفى عنه المثل فلم یکن له کفواً أحد، فدلّت هذه الآیة على أنه لیس بجسم و لا جوهر فوجب أن یکون منزّهاً عن الجهات لأنّ المختصّ بالجهة إن کان منقسماً فهو الجسم و إن لم یکن منقسماً فهو الجوهر فدلّ قوله أحد دلالة قطعیّة على أنه لیس بجسم و لا جوهر و لا فى أصلًا[2] و البرهان الذى وجب أن یکون لأجله أحد هو اللّه.
و کونه إلهاً یجب أن یکون غنیّاً عمّن سواه و إلّالکان مرکّباً و مفتقراً لأجزائه و أجزاء غیره فکونه إلهاً یمتنع افتقاره إلى غیره فوجب القطع بأنه لیس بجسم و لا جوهر و لا فى جهة و کان قوله قل هو اللَّه أحد برهان قاطع على ثبوت هذا المطلوب.
قوله: «الصَّمَدُ». اشارة إلى أنه السیّد الذى یصمد إلیه فى الحوائج فهو الغنى عن الکلّ و المفتقر إلیه الکلّ و ذلک یدلّ على أنّه لیس بجسم و إلّالکان محتاجاً فالمحتاج إلى غیره لایکون صمداً مطلقاً. بیان ذلک أنه لو کان فى حیّز و إن کان حلوله واجباً کانت ذاته مفتقرة إلى المکان لم یکن صمداً غنیّا؛ و إن کان جائزاً احتاج إلى مخصّص، و کونه محتاجاً ینافى کونه غنیّاً فالأحد المطلق الصمد غنىّ عن الترّکیب و التألیف و المکان و الزمان منزه عن الحدوث و الحدثان.
و قوله: «وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ» دلّ على أنه لیس بجسم لأن الجوهر متماثل فلوکان جوهراً لکان له مثل، و لو کان جسماً لکان مرکّبا و مؤلّفاً و عاداللازم المذکور فکانت هذه السورة من اعظم الدلائل على أنه لیس بجسم.
و استدلّ ابراهیم علیه السلام بفلول الکواکب على حدوثها فقال عند تمام الاستدلال
______________________________
(1). کذا، و لعلّ الصواب: و لا فى جهة أصلًا
هزار و یک کلمه، ج7، ص: 9
«وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ السَّمواتِ وَالأَرضَ» و هذا یدلّ على تنزیه الله عن الجسم و الجهة لأنّ الأجسام متماثلة فلوکان جسماً و جوهراً جاز علیه ما یجوز على غیره من التغیّر و المتغیّر لا یکون الإلا ه فالإلاه لیس بمتحیّز أصلًا.
الثانى أنّه لو کان جسماً لکان کل جسم مشارکاً له فى تمام الماهیّة، و القول بکونه جسماً یقتضى اثباب الشریک و ذلک ینافى قوله: «وَما أَنَا مِنَ المُشْرِکِینَ»؛ فثبت أن العظماء من الأنبیاء لکانوا قاطعین بتنزیه اللَّه عن الجسمیّة والجوهریه و الشریک.
الثالث قوله تعالى: «لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَىءٌ» فلو کان جسما لکان مثلًا لسائر الأجسام.
الرابع قوله: و انّه الغنى و انتم الفقراء، فلو کان جسماً لکان مرکّباً و مفتقراً و محتاجاً فلم یکن غنیّاً على الإطلاق.
والخامس قوله: «الحَىُّ القَیُّومُ» قائمٌ بنفسه مقومٌ لغیره، فکونُه قائماً بنفسه غنائه أنه غنى عن کلّ ما سواه، و کونه مقوّماً لغیره عبارة عن احتیاج ما سواه إلیه، فلوکان مفتقراً إلى غیره و کان غیره غنیّاً عنه فلا یکون قیّوماً على الإطلاق.
السادس و هو قیّوم حق فلیس بجسم قطعاً.
السابع قوله: «هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِیّاً» و لو کان جسماً لکان کلّ واحد من الأجسام مثلًا له.
الثامن قوله: «هُوَ اللَّهُ الخالِقُ البارِئُ المُصَوِّرُ» و الخالق هو المقدور فلوکان جسماً کان خالقاً لنفسه و هو محال، و لو کان له جسم لکان له صورة و قد وصف نفسه بکونه مصوّراً فیلزم کونه متصوراً.
التاسع قوله: «وَلایُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً» و قوله: «تُدْرِکُهُ الأَبْصارُ» و ذلک یدلّ على کونه منزّهاً عن الصورة و الشکل و إلّالکان العلم و الإدراک محیطاً به.
العاشر قوله: «لَهُ ما سَکَنَ فِى اللَیْلِ وَالنَّهارِ» و ذلک یدلّ على أن الزمان و المکان ملکه و ذلک یدل على تنزیهه عن المکان و الزمان.
الحادى عشر هو الأول و الآخر، و ذلک یدلّ على أن ذاته متقدمه فى الوجود على
هزار و یک کلمه، ج7، ص: 10
جمیع ما عداه و باقیه و الوجود (- و باقیة فى الوجود- ظ) على جمیع ما عداه، و ذلک یدل کونه (یدل على کونه- ظ) قبل الزمان و المکان، و على بقائه بعد الزمان و المکان.
الثانى عشر قوله تعالى: «فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أنْداداً» (بقرة، آیه 22) و الندّ المثل فلوکان جسماً لکان مثلًا لکلّ واحد من الأجسام.
الثالث عشر لو کان جسماً لجاز علیه الحرکة و السکون، و لو جاز علیه الحرکة و السکون لکان محدثاً فلو کان جسماً لکان محدثاً و صدق به محال فکونه جسماً محال.
الرابع عشر لو کان جسماً لکان محتاجاً إلى غیر و هو محال فکونه جسماً محال:
بیان المراد أنه لو کان متحیّزاً لکان مرکّباً و مؤلّفاً و هو محال فکونه متحیّزاً محال. تمّت و بالخیر عمّت فى رابع شهر صفر المظفّر سنة 1283 على ید الحقیر الفقیر حسن الموسوى التقوى الشهیر بأخوى.